مصدر الموضوع الاصلي: قبسات من القران ((16))
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله...وبعد :
يقول الله تبارك وتعالى :
(إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ)(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )(الزمر:41-42)
[41] يبين الله جل وعلا في الآية الأولى الهدف من إنزال القرآن الكريم , ومهمةَ الرسول صلى الله عليه وسلم , فيقول تعالى : إنا أنزلنا عليك أيها الرسول القرآن من أجل هداية الناس بالحق إلى الطريق المستقيم, فمن اهتدى بنور هذا القرآن وطبق مافيه من أحكام وتوجيهات فإنما ينفع بذلك نفسه لأنه يظفر بسعادة الدارين , ومن انحرف عن الهدى فإنما يضر نفسه لما ينتظره من المصير السيء في الآخرة, وماأنت أيها الرسول عليهم بوكيل فلست مكلفا بتوفيقهم إلى الإيمان , وإنما أنت مبلغ عن الله تعالى .
[42] والله جل وعلا هو الذي يقبض الأنفس بالموت حين يأتي أجلها , وهذه هي الموتة الكبرى, والأنفس التي لم يَكتب عليها الوفاة الكبرى يقبضها في منامها بالنوم , وهذه هي الموتة الصغرى, فإذا قضى عليها الموتة الكبرى أمسكها عنده ولم يعدها إلى جسدها , أما في حال الوفاة الصغرى وذلك بالنوم فإنه تعالى يعيد الأنفس إلى أجسادها إلى أن يحين أجلها المحدد للوفاة الكبرى, وإن في قبض النفسين في حال الموت والنوم , ثم في إعادة النفس إلى الجسم في حال النوم وعدم إعادتها إليه في حال الموت لعلاماتٍ واضحةً لمن تفكر واعتبر , فليتعظ المسلم في مروره بحال الوفاة الصغرى كل يوم وليتزود بما ينفعه بعد الوفاة الكبرى من الإيمان والعمل الصالح .
ويقول الله تبارك وتعالى :
(أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ ) (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )(الزمر:43-46) .
[43-44] ينكر الله جل وعلا على المشركين الذين يزعمون بأنهم إنما عبدوا الأوثان لأنها تشفع لهم عنده تعالى , فقل لهم أيها الرسول : أتتخذون هذه الأوثان شعفاء عند الله سبحانه ولو كانوا لايملكون شيئا من الشفاعة ولاغيرها ولايفقهون شيئا من عبادة عابديهم ؟! بل لله عز وجل الشفاعة جميعا فليس لأحد منها شيئا إلا أن يكون الشافع ممن يرضاه الله والمشفوع له ممن يأذن الله بالشفاعة له .
[45 – 46] ثم ذكر الله سبحانه حال المشركين في نفورهم من توحيد الله تعالى وترحيبهم بالشرك به , فإذا ذُكر الله وحده انقبضت قلوب الذين لايؤمنون بالآخرة , ولو كانوا يؤمنون بها لتغيرت حالهم تماما , لأنهم سيوقنون بأن سعادتهم في الآخرة في الإيمان بالله تعالى وحده , وإذا ذُكر الذين يُعبدون من دونه من الأوثان إذا هم يفرحون لأن ذلك يوافق أهواءهم , ولقد كان الشرك في الذين خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم متمثلاً في عبادة الأصنام كاللات والعزى , ومدلول الآية يشمل كل أنواع الشرك فالذين يشركون غير الله معه في الطاعة فيحكمون بغير شريعته إذا دُعوا إلى تحكيم الإسلام وحده ورفْضِ القوانين البشرية اشمأزوا من ذلك ووضعوا العراقيل دون تحكيم شريعة الله تعالى , وإذا دعوا إلى تحكيم القوانين الوضعية هشوا لذلك واستبشروا , فقل لعموم المشركين أيها الرسول : اللهم ياخالق السموات والأرض عالم السر والعلانية أنت تفصل بين عبادك يوم القيامة فيما اختلفوا فيه فتجازي المحسن بإحسانه وتعاقب المسيء بإساءته , فيتبين الحق لمن لم يتبين له قبل ذلك . |