مصدر الموضوع الاصلي: ما ميزانك عند الله
ما ميزانك عند الله
قال تعالى (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا باّياتنا يظلمون )مَرَّ
رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا فَقَالَ ,رَجُلٌ مِنْ
أَشْرَافِ النَّاسِ, هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ ,إِنْ خَطَبَ أَنْ
يُنْكَحَ,وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ ,
وَإِنْ قَالَ يُسْمَعَ
لِقَوْلِهِ,قَالَ ,فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثم مر رجل
آخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ,ما تقولون في هذا, قالوا, يا رسول
الله هذا رجل من فقراء المسلمين ,هَذَا حَرِيٌّ,إِنْ خَطَبَ أَنْ لَا
يُنْكَحَ,وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لَا يُشَفَّعَ,وَإِنْ قَالَ أَنْ لَا يُسْمَعَ
لِقَوْلِهِ,فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم, هَذَا خَيْرٌ
مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلَ هَذَا, وانظر حال من لا يزن شيئًا عند
ربه,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم,( ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة,فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا)قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه)والمراد باستقامة إيمانه وأعمال جوارحه ، فإن أعمال الجوارح لا تستقيم إلا باستقامة القلب,
ومعنى
استقامة القلب أن يكون ممتلئًا من محبة الله وطاعته وكراهية معصيته ,صلاحُ
القلب بصلاح العمل وصلاحُ العمل بصلاحِ النية,أن القلب هو محل نظر
الرب,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنَّ الله لا ينظُرُ إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينْظُرُ إلى قلوبكم )لأن الله جعل سلامة القلب معبر للفوز في الآخرة,قال تعالى( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)خص القلب بالذكر لأنه إذا سَلِمَ سلِمتْ الجوارح وإذا فَسُد فَسُدت الجوارح ,لأن القلب هو موضع الاختبار والابتلاء,قال تعالى ( وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ)وأنَّ
الأعمال نتائج السرائر الباطنة فمن كانت سريرتهُ صالحة كان عمله صالحًا
فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا وحياءًا,ومن كانت سريرته فاسدة، كان
عمله تابعًا لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سوادًا
وظلمة,انوِي الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير,
وسنة الله أن من نوى الخير وعمل بمقتضى تلك النية أن يوفق ويسدد ويؤيد ويبلغ من الخير ما يريد,قال تعالى ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً
)ومن اّدب الإنسان الذي أدب الله به عباده,أن يكون الإنسان نزيها في
أقواله وأفعاله,غير فاحش ولا بذيء ولا شاتم, ولا مخاصم,بل يكون حسن الخلق,
واسع الحلم, مجاملاّ لكل أحد,قال النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن اللّه
عزَّ وجلَّ يستخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه
تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يقول, أتنكر من هذا شيئاً ,أظلمك
كتبتي الحافظون, قال, لا يا رب، قال, أفلك عذر أو حسنة, قال, فبهت الرجل،
فيقول, لا يا رب فيقول, بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم عليك اليوم،
فيخرج له بطاقة فيها, أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول
اللّه، فيقول, أحضروه، فيقول, يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول,
إنك لا تُظلم قال, فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، قال, فطاشت
السجلات,وثقلت البطاقة، قال ,ولا يثقل مع اسم الله شيء,