مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية

حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية
العرب القطرية


GMT 1:11:00 2010 السبت 15 مايو





برهوم جرايسي


تكثفت في الأشهر الأخيرة حملات الاعتقال والملاحقات السياسية، التي تشنها أجهزة المخابرات الإسرائيلية ضد كل شخص أو إطار ينشط ضد الاحتلال والسياسة العنصرية الإسرائيلية، فإذا كانت الاعتقالات بين الفلسطينيين في المناطق المحتلة منذ العام 1967 هي "أمر عادي"، فإن الحديث يجري هنا عن ناشطين بين فلسطينيي 48، وناشطين من قوى سلام أجنبية، وحتى إسرائيلية.
فالأسابيع الأخيرة مليئة بمثل هذه الأحداث؛ إذ اعتقلت الأجهزة الإسرائيلية ناشطين سياسيين بارزين بين فلسطينيي 48، بزعم التخابر مع حزب الله اللبناني، أما كيف هذا "التخابر" المزعوم قد حصل، فقد كان بالإمكان قراءته من موقع صحيفة "هآرتس" على الإنترنت، وتم شطبه بعد ساعة، فالاثنين، وحسب المخابرات الإسرائيلية تربطهما علاقة صداقة مع شخص لبناني، له علاقة نسب بشخصية فلسطينية في المهجر، وأن هذا اللبناني على علاقة بحزب الله.
وبالتزامن مع هذا الاعتقال فقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ناشط سلام من تركيا، خلال تواجده في الضفة الغربية المحتلة، وحسب ما نشر، فإنه ناشط في الحركات التي تسعى إلى كسر الحصار التجويعي المفروض على قطاع غزة.
وفي الأشهر القليلة الماضية، جرى اعتقال ما لا يقل عن عشرة ناشطين وناشطات سلام من دول أوروبية وغيرها، يناضلون ضد الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، ويشاركون في مظاهرات شعبية سلمية، وهذا عدا عن أعداد لا يمكن حصرها من الناشطين الأجانب الذين يتم منع دخولهم عبر المعابر الدولية، كي لا يصلوا إلى الضفة الغربية والقدس المحتلة للنضال ضد الاحتلال.
وقد وصلت حالة العصبية في الأجهزة الإستخباراتية الإسرائيلية إلى حد ملاحقة ناشطي سلام إسرائيليين، خاصة أولئك الذين يشاركون أسبوعيا في المظاهرات الشعبية ضد جدار الفصل العنصري في قريتي بلعين ونعلين في وسط الضفة الغربية المحتلة؛ إذ اعترفت الأجهزة الإسرائيلية أمام محكمة إسرائيلية في الآونة الأخيرة، بأنها تتعقب السيارات التي تقل هؤلاء الناشطين إلى المظاهرات في القرى الفلسطينية، وتعمل على عرقلة وصولها إلى هدفها.
وإلى جانب هذا، فإن الاستدعاءات الأمنية للتحقيق مع ناشطين سياسيين تكثفت كثيراً في الأشهر الأخيرة، وغالبيتها تبقى تحت السرية، بأوامر تستصدرها سلطات الاحتلال من المحاكم الإسرائيلية لإلزام من يتم التحقيق معهم بالحفاظ على السرية ومنع النشر، ولكن من حين إلى آخر يظهر من يتمرد على هذه الأوامر.
بطبيعة الحال، فإن الملاحقات السياسية والقمع لم يتوقف يوما واحدا منذ 62 عاما مضت، ومن حين إلى آخر تتبدل الأشكال، وأحيانا تخف وتيرتها وفي أحيان أخرى تزداد، ولكن ما يميز هذه المرحلة هو أن حالة من العصبية تسيطر على تحركات الأجهزة الإستخباراتية الإسرائيلية، ولكن ليس هي فحسب، بل المؤسسة السياسية برمتها.
ففي الآونة الأخيرة عاد سيل من مشاريع القوانين العنصرية ليُطرح على الهيئة العامة للكنيست، فمثل هذه القوانين ظهرت بكثافة في الدورة البرلمانية السابقة، في فترة رئيس الحكومة إيهود أولمرت، إلا أن العناصر الأساسية التي كانت تبادر إلى هذه القوانين، باتت اليوم تشكل الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، ولهذا فإنها تبادر لإجراءات عنصرية قاسية، دون الحاجة لسن قوانين كهذه.
ومن بين هذه القوانين، مشروع قانون يسمح لمسجل الجمعيات في إسرائيل بأن يغلق كل جمعية تنشط ضد جيش الاحتلال، أو أن نشاطها الحقوقي يتسبب في رفع دعاوى في العالم ضد مجرمي الحرب من بين صفوف ضباط وجنود جيش الاحتلال والحكومة الإسرائيلية برمتها، ومن المفترض أن يتم طرح القانون للتصويت عليه خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
الانطباع السائد هو أن المؤسسة الإسرائيلية باتت بالفعل تشعر بأزمتها أكثر من ذي قبل، فكل المخططات الاستراتيجية لم تعد تنفع للقضاء على القضية الفلسطينية من دون دفع ثمن، وبمنظور بعيد المدى باتت تدرك إسرائيل جيدا أنه لا يمكنها أن تحافظ على الوضع القائم من الاحتلال والسيطرة على شعب بأكمله.
ولكن أسباب الأزمة التي تشعر بها المؤسسة الإسرائيلية تعود أيضا إلى التغيرات الداخلية في المجتمع اليهودي في إسرائيل تنبئ بأزمات وهزات عنيفة جدا، خاصة في جانب العلاقة بين جمهور اليهود الأصوليين وجمهور العلمانيين، فهذه أزمة مزمنة تعايش إسرائيل منذ نشأتها، ولكن حجم هذه الأزمة بات أكبر من ذي قبل، كما أن وتيرتها باتت أسرع، وهذا ما قد نأتي عليه بتوسع في معالجة قريبة.
والقلق الفوري للحكومة الإسرائيلية نابع من اتساع حلقة النضال الشعبي في الضفة الغربية المحتلة، والاهتمام الشعبي الدولي بهذا النضال ازداد نسبيا، وبات يلفت أنظار العالم أكثر، إضافة إلى أن حملة مقاطعة بضائع مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، باتت هي الأخرى تثير انتباها في أوساط دولية.
بمعنى آخر، فإن ما نجحت به المؤسسة الإسرائيلية بعد العام 2000، من محاصرة القضية الفلسطينية في الساحة الدولية، وزجها في خانة "الإرهاب"، بدعم أوساط دولية، فإن هذا "النجاح" توقف، والخطاب العالمي بشأن القضية الفلسطينية تغير نوعا ما.
وتحاول إسرائيل بكل قوتها صدّ هذا التغيير، من خلال تشديد القمع ضد كل من ينشط ضدها، فمثلا، وعودة إلى قضية "التخابر"، فإن المحلل العسكري في القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي غاد ليئور، يقول هذا الأسبوع إن الإدلاء بمعلومات استخباراتية لا يعني فقط المعلومات ذات الطابع العسكري، بل أيضا معلومات عن الأجواء الحزبية والسياسية الداخلية في إسرائيل، بمعنى أنه وفق هذا المنطق، فإن مقالاً كهذا، بالإمكان أن تعتبره الأجهزة الإسرائيلية "معلومات استخباراتية"، وهذه مسخرة ولكنها تعكس عمق الأزمة

مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية

مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية

مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية

مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية

مصدر الموضوع الاصلي: حالة عصبية تسود المخابرات الإسرائيلية