أسبوعان على الأجواء الإيجابية الطاغية على تأليف حكومة جامعة جديدة، أفضت إلى اتفاق على صيغة «8 ـــ 8ــ 8»، وعلى المداورة العادلة والشاملة في الحقائب لا أكثر. ومن الآن وصاعداً، لا يهم قوى 8 آذار إلّا طمأنة النائب ميشال عون إلى أنها لن تتقدّم أكثر، من دون رضى الرابية
فراس الشوفي
ربما كان تصريح الرئيس سعد الحريري بشأن قبوله المشاركة في حكومة جديدة جامعة مع حزب الله مفاجئاً للقابعين خلف شاشات التلفزة، لكنه بالنسبة إلى القابعين في قلب «المطبخ» السياسي، في 8 آذار وتيار المستقبل، إضافة إلى النائب وليد جنبلاط، أكثر من متوقّع، ومن لاهاي أيضاً، إذ شاع جوّ عند قوى 8 آذار، قبل انطلاق جلسات المحكمة الدولية بأيام، بأن «موضوع المحكمة سيمرّ مرور الكرام» من دون انعكاسات جديّة على مسألة تأليف الحكومة، أو حتى على الأجواء السياسية في البلاد، وأن موضوع استغلال تيار المستقبل وقوى 14 آذار للمحكمة لن يتعدّى الخطوط المرسومة، بما لا يضرّ بأجواء التوافق على نحو عام.
ما الذي تبدّل حتى قَبِل الحريري الحكومة؟ علماً بأن العلاقات الإيرانية ـــ السعودية، لا تزال على حالها التي كانت عليها على مدى الأشهر الماضية، وبأن «أي تواصل جدي أو حقيقي لم يحصل» بحسب ما تؤكّد مصادر نيابية بارزة في 8 آذار، مطلّعة على ملفّ العلاقات السعودية ـــ الإيرانية. ويقول أكثر من مصدر إن «السعودية لم ترحّب بمشاركة حزب الله، بل أعلنت أنها لا تمانع». وتشرح المصادر هذا الموقف من خلفيّة «إدراك السعودية للمتغيرات الدولية، والضغوط الغربية عليها لتخفيف الاندفاعة تجاه إيران وحلفائها»، وكذلك «إدراك السعودية أن لبنان هو آخر معاقل النفوذ السعودي، ومن الضروري الحفاظ على هذا النفوذ عبر ترك الأمور للتفاهم». ليس هذا فحسب، «حكومة الأمر الواقع لم تكن لتحصل على الثقة، وبالتالي سيضطر رئيس الجمهورية إلى إجراء مشاورات جديدة، وستتمكن 8 آذار بالتحالف مع وليد جنبلاط وبمباركة غربية لتفادي اهتزاز الاستقرار، من تسمية رئيس حكومة سنّي من خارج الفلك السعودي، على غرار ما حصل مع الرئيس نجيب ميقاتي، وعندها تتحكم قوى 8 آذار في مسار الانتخابات الرئاسية خارج النفوذ السعودي».
فهم المعنيون في 8 آذار «حراجة» الموقف السعودي مع إصرار سليمان على السير في حكومة الأمر الواقع، فولدت فكرة قبول صيغة «8ـــ 8ـــ 8»، مع تدوير زوايا مسألة «الوزير الملك»، فجاء دور النائب جنبلاط ليعمل على التسويق. ومضافاً إلى إيجابية 8 آذار الجديدة، أسهم الضغط الغربي على الحريري في الوصول إلى تفاهم مع 8 آذار حول مبدأين وحيدين، إضافةً إلى الاتفاق على تأليف الحكومة: السير في صيغة «8 ـــ 8 ـــ 8»، والاتفاق على المداورة العادلة والشاملة. لم يجرِ التداول بالأسماء إذاً، ولا بتوزيع الحقائب، حتى مسألة المداورة في الحقائب، تقول مصادر قوى 8 آذار إن «هذا موقفنا منذ البداية، منذ اللحظة الأولى التي كُلف فيها سلام تأليف الحكومة».
الاتفاق الأولي مع الحريري لا يعني أن شيئاً كثيراً قد أنجز حتى الآن، إذ تقول مصادر سلام ان «الوقت الآن لكل فريق على حدة للملمة موقف موحّد، ونحن ننتظر». ولا تخفي مصادر قوى 8 آذار أن «الأمور قد تكون ملتبسة على ضفّة التيار الوطني الحرّ»، وأن «الجنرال (ميشال) عون يظننا اتفقنا مع الحريري على اكثر من الصيغة، لكنّ الحقيقة هي أن الأمور لا تزال في إطارها الأولي، ولم يُبحَث في الحقائب أو شيء آخر، ولنُ يُبحث قبل التشاور مع حلفائنا».
وإن كان «الالتباس» على ضفّة التيار الوطني الحر مقروءاً بوضوح عند قوى 8 آذار، تبدو «عقدة» رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأكثر حضوراً على مقلب 14 آذار. وتقول مصادر قوى 8 آذار إن «جعجع أكثر المتشددين، لحسابات لها علاقة بضمانات لرئاسة الجمهورية، والرئيس فؤاد السنيورة، الذي حاول في الأيام الماضية تمضية الوقت بهدف الاستفادة من أجواء المحكمة الدولية».
الحكومة إذاً، في مربع الاتفاق على الصيغة فحسب، وخبر الأيام المقبلة سيكون «داخلياً» عند كل طرف على حدة. فالبحث من حقيبة إلى حقيبة، والعين على رئاسة الجمهورية.
الأربعاء يناير 29, 2014 6:57 am من طرف abuahmad