ضغط أميركي وفرنسي لتشكيل الحكومة والحريري يربك حلفاءه
أعطى الرئيس سعد الحريري أمس، دفعاً كبيراً للحكومة الجامعة، بالتوازي مع مواقف فرنسية وأميركية داعمة، في موقف أربك حلفاءه. وعلى المقلب الآخر، قَدَّر الرئيس نبيه برّي إيجابية موقف الحريري، مؤكداً أننا «في سباق بين التفجير الأمني وتأليف الحكومة»حسم الرئيس سعد الحريري أمس موقفه من تأليف حكومة جامعة، وأبدى استعداده للمشاركة في حكومة ائتلافية جديدة مع حزب الله باعتباره «حزباً سياسياً»، معلناً تفاؤله «الكبير جداً بتأليف الحكومة». وردّ الرئيس نبيه بري على تحية الحريري بأحسن منها، مشيداً بحرص رئيس الحكومة السابق على المصلحة الوطنية، ومؤكداً أن «لا مشكلة في موضوع البيان الوزاري».
وفي خضمّ الأجواء الإيجابية، جال الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط مانويل بون على المسؤولين السياسيين، مؤكّداً مجدداً الموقف الغربي الداعم لتأليف الحكومة الجامعة، فيما أعلنت السفارة الأميركية في بيان أن السفير الأميركي ديفيد هيل سافر إلى فرنسا صباح أمس، و«من المقرر أن يجتمع بالحريري ومسؤولين فرنسيين، وسيجري التركيز خلال اجتماعاته على الدعم الدولي للبنان».
وفي ردٍّ على أسئلة على هامش المحكمة الدولية في لاهاي، قال الحريري: «نحن إيجابيون في تأليف حكومة، هذا شيء جيد للبلد وللاستقرار»، وشدّد على أنه «لم يقدم تنازلات للمشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الله، فمبدأ المحاكمة أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ونحن نعرف أنهم افتراضياً هم من ارتكبوا الجرائم (...) لكن في نهاية المطاف، هذا حزب سياسي لديه تحالف كبير مع التيار الوطني الحر وآخرين، ونحن نحاول أن نحكم البلد مع الجميع، ولا نريد أن يبقى أحد خارجاً، لأن لبنان يمر في فترة صعبة، وخاصة بعدما فشل المجتمع الدولي فشلاً ذريعاً في القضية السورية». وأكد أن «لا خطوط حمراء، بل ما تمليه احتياجات البلاد، ونحن نريد أن تستقر البلاد».
وتعليقاً على كلام الحريري، قال الرئيس نبيه برّي لـ«الأخبار» إن «موقف الرئيس الحريري يُقدّر له». وأضاف: «على الرغم من عمق الحالة الشخصية للرئيس الحريري، فإنه يظهر حرصاً كبيراً على المصلحة الوطنية». وأشار بري إلى أن «الحكومة المنتظرة، هي حكومة وطاولة حوار ووحدة وطنية، وإضافة إلى أنها تجمع جميع الأفرقاء، وتوفر فرصة جيدة للحوار، فإنها تسهم إسهاماً كبيراً في الاستحقاق الرئاسي». وبشأن البيان الوزاري، قال بري إنه «لا مشكلة في الموضوع، ويمكن الاتفاق على صيغة ترضي الجميع. البيان «بينعمل» بعد التشكيلة، دستورياً، والحقيقة هذا ليس موقفي فقط، بل هو موقف الرئيسين (ميشال) سليمان و(تمام) سلام و(النائب وليد) جنبلاط». وعن الأحداث الأمنية في البقاع وطرابلس، قال: «نحن في سباق بين الانفجار الأمني وتأليف الحكومة (...) والفجور السياسي يسهم في الأحداث الأمنية».
نقاش داخل 14 آذار كلام الحريري ترك ارتياحاً كبيراً في أوساط قوى 8 آذار، ونوعاً من الإرباك في صفوف فريق 14 آذار، الذي أشارت مصادره لـ «الأخبار» إلى أنه «لم يكن ينتظر كلاماً من الحريري قبل الاثنين»، وفيما أشار الرئيس امين الجميل إلى «وجود إشارات إيجابية»، بدا لافتاً صمت حزب القوات اللبنانية، علماً بأن التواصل بين القوات والحريري استمر على نحو يومي على مدى الأيام الماضية. وليلاً، أدت الاتصالات إلى بروز موقفين داخل فريق 14 آذار، على أن تستمر المشاورات للوصول إلى موقف موحّد. والموقفان يُجمعان على: الرفض المطلق لثلاثية «الشعب والجيش والمقاومة»، وعلى «التمسك بإعلان بعبدا بنداً وحيداً في البيان الوزاري». ويقول الموقف الأول بمناقشة البيان الوزاري بعد التأليف، أما الموقف الثاني، فيطالب بعدم السير في الحكومة من دون ضمانات لتنفيذ الشرطين، أو قبل الاتفاق الضمني على البيان الوزاري، وإذا جرى الإخلال بالاتفاق، يستقيل وزراء 14 آذار قبل وصول الحكومة إلى المجلس النيابي.
من جهته، علّق الرئيس نجيب ميقاتي على موقف الحريري عبر حسابه على موقع «تويتر»، قائلاً: «ما سمعته اليوم موقف سياسي أثلج صدري، ولو جاء متأخراً ثلاث سنوات، ومثّل عودة إلى ما نادينا به على الدوام، من أن هذا الوطن لا يحكم إلا بتعاون الجميع».
فرنسا تشرح الهبة السعودية وزار بون والسفير الفرنسي في لبنان باتريك باولي عين التينة، والتقيا بري، كما زارا سلام والجميل والسنيورة وميقاتي ومسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي. وقال بون إنه «حمل رسالة دعم من الرئيس الفرنسي للمؤسسات اللبنانية وللجهود المبذولة لتأليف الحكومة والإعداد للانتخابات الرئاسية». وعلمت «الأخبار» من مصادر دبلوماسية مواكبة أن «الموفد الفرنسي حاول خلال لقائه مع ممثل حزب الله شرح موضوع الهبة السعودية المقدمة إلى الجيش اللبناني، التي تتضمن دفع السعودية ثلاثة مليارات دولار لتزويد الجيش أسلحة فرنسية، بعد جملة انتقادات وتساؤلات عممها سفراء أوروبيون بحقّ فرنسا، لأن الهبة ظهرت كأنها رشوة لفرنسا». وقالت المصادر إن «الأوروبيين أبدوا انزعاجهم أمام اكثر من جهة لبنانية من موضوع الهبة، مشيرين إلى أن فرنسا تقوم بخطوات أحادية الجانب من دون التنسيق مع شركائها، وخصوصاً في موضوع بيع السلاح». وسمع مبعوث الرئيس الفرنسي كلاماً مفاده أن «الحرص على المؤسسات يعني تقديم الهبة إلى الدولة اللبنانية على شكل هبة مالية، وهي تقرر من أين تشتري السلاح، فهي ربما تريد شراء بعض السلاح من فرنسا والبعض الآخر من أميركا وألمانيا وروسيا، كما أن السعودية في هذه المرحلة طرف في الساحة اللبنانية، لا جهة محايدة». وأشارت المصادر إلى أن بون كرر أن موضوع الهبة يقع «في سياق دعم الجيش اللبناني الذي هو جيش كل لبنان».
المصدر:
http://www.al-akhbar.com/node/198914
الأربعاء يناير 29, 2014 6:59 am من طرف abuahmad