مصدر الموضوع الاصلي: وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ
وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) سورة الذاريات
وهي لفتة عجيبة . فمع أن أسباب الرزق الظاهرة قائمة في الأرض , حيث يكد
فيها الإنسان ويجهد , وينتظر من ورائها الرزق والنصيب . فإن القرآن يرد بصر
الإنسان ونفسه إلى السماء . إلى الغيب . إلى الله . ليتطلع هناك إلى الرزق
المقسوم والحظ المرسوم
. أما الأرض وما فيها من أسباب الرزق الظاهرة , فهي آيات للموقنين . آيات
ترد القلب إلى الله ليتطلع إلى الرزق من فضله ; ويتخلص من أثقال الأرض
وأوهاق الحرص , والأسباب الظاهرة للرزق , فلا يدعها تحول بينه وبين التطلع
إلى المصدر الأول الذي أنشأ هذه الأسباب .
والقلب المؤمن يدرك هذه اللفتة على حقيقتها ; ويفهمها على وضعها ; ويعرف أن
المقصود بها ليس هو إهمال الأرض وأسبابها . فهو مكلف بالخلافة فيها
وتعميرها . إنما المقصود هو ألا يعلق نفسه بها , وألا يغفل عن الله في
عمارتها . ليعمل في الأرض وهو يتطلع إلى السماء . وليأخذ بالأسباب وهو
يستيقن أنها ليست هي التي ترزقه , فرزقه مقدر في السماء , وما وعده الله لا
بد أن يكون .
بذلك ينطلق قلبه من إسار الأسباب الظاهرة في الأرض ; بل يرف بأجنحة من هذه
الأسباب إلى ملكوت السماوات . حين يرى في الأسباب آيات تدله على خالق
الأسباب ويعيش موصولا قلبه بالسماء , وقدماه ثابتتان على الأرض . فهكذا
يريد الله لهذا الإنسان . هكذا يريد الله لذلك المخلوق الذي جبله من الطين
ونفخ فيه من روحه فإذا هو مفضل على كثير من العالمين .
والإيمان هو الوسيلة لتحقيق ذلك الوضع الذي يكون فيه الإنسان في أفضل
حالاته . لأنه يكون حينئذ في الحالة التي أنشأه الله لها . فطرة الله التي
فطر الناس عليها . قبل أن يتناولها الفساد والانحراف.[/size]
[/size][/center]