مصدر الموضوع الاصلي: آداب العطاس
آداب العطاس
العطاس من الأمور التي تعتري الناس, وأسبابه متعددة,وهو بلا شك نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان تستحق الحمد والشكر لله سبحانه وتعالى، , روى البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يحب العطاس, ويكره التثاؤب, فإذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته. وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان, فليرده ما استطاع, فإذا قال: ها, ضحك منه الشيطان»(1) .
ولذلك شرع في حق العاطس أنه إذا عطس أن يحمد الله تعالى، فإذا حمده سبحانه, وسمعه من عنده, دعا له بالرحمة, حيث يقول: يرحمك الله, ثم يرد عليه العاطس بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم .
ومن آداب العطاس :
1_ التقيد بألفاظ الحمد والرحمة والهداية كما ثبت في السنة :
من حق العاطس إذا حمد الله أن يُشمّت، والتشميت هو الدعاء بالرحمة, وهو من حق المسلم على المسلم كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام, وعيادة المريض, واتباع الجنائز, وإجابة الدعوة, وتشميت العاطس »(2) ، وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته, وإذا مرض فعده, وإذا مات فاتبعه »(3) .
وروى البخاري أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله, فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم»(4) ، بالكم: أي شأنكم.
2_ لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله:
إذا لم يقل العاطس: الحمد لله فلا يشمت؛ لما روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر, فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمَّته, وعطست فلم تشمتني؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله تعالى»(5) .
وعن أبي موسى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه ) (6) .
3_ وضع اليد أو المنديل على الفم ، وخفض صوته ما أمكن :
السنة للعاطس: أن يضع يده أو ثوبه أو نحوهما على فمه، وأن يخفض صوته، روى أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض أو غض بها صوته) (7) .
وفي ذلك من الفوائد ما لا يخفى ، ومن ذلك :
1) فيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
2) انخفاض صوت العاطس ، و عدم نشر الضوضاء و التشويش على الآخرين
لاسيما في الأماكن العامة.
3) أن العاطس لا يأمن – غالباً- من خروج شيء من فمه فاستحب له أن يضع
يده على فيه ، لكف الأذى عن الآخرين .
4) لعدم نشر العدوى إذا كان العطاس بسبب مرض .
4_ إذا كان العطاس بسبب مرض :
إذا زاد العطاس على ثلاث فلا يشمت لأنه زكام؛ لما جاء عن سلمه بن الأكوع أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وعطس رجل عنده فقال له: (يرحمك الله) ، ثم عطس أخرى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل مزكوم) (8) .
وعن أبي هريرة قال: (شمت أخاك ثلاثا فما زاد فهو زكام) (9)
قال النووي: واختلف العلماء فيه ، فقال ابن العربي المالكي : قيل : يقال له في الثانية : إنك مزكوم ، وقيل : يقال له في الثالثة ، وقيل : في الرابعة ، والأصح أنه في الثالثة.
قال : والمعنى فيه أنك لست ممن يشمت بعد هذا ، لأن هذا الذي بك زكام ومرض ، لا خفة العطاس.
فإن قيل : فإذا كان مرضا ، فكان ينبغي أن يدعى له ويشمت ، لأنه أحق بالدعاء من غيره ؟ فالجواب أنه يستحب أن يدعى له لكن غير دعاء العطاس المشروع ، بل دعاء المسلم للمسلم بالعافية والسلامة ونحو ذلك ، ولا يكون من باب التشميت.(10)
قال ابن القيم: قوله في الحديث : الرجل مزكوم تنبيه على الدعاء له بالعافية لأن الزكمة علة وفيه اعتذار من ترك تشميته بعد الثلاث وفيه تنبيه له على هذه العلة ليتداركها ولا يهملها فيصعب أمرها فكلامه صلى الله عليه و سلم كله حكمة ورحمة وعلم وهدى .(11)
5_ تشميت غير المسلم بـ ( يهديكم الله ) :
يجوز تشميت أهل الذمة إذا حمدوا الله بعد عطاسهم بــ"يهديكم الله ويصلح بالكم " لما ورد عن أبي موسى الأشعري قال : كانت اليهود تعاطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لها : يرحمكم الله ، فكان يقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم)(12) . ولا يدعى لهم بالرحمة والمغفرة فهم ليسوا أهلاً لذلك .
6_ من أحكام العطاس في الصلاة:
يجوز لمن عطس في الصلاة أن يحمد الله ، ولا يجوز لمن سمعه أن يشمته ، وإذا عطس والإمام يخطب خطبة الجمعة فإنه يحمد الله تعالى إلا أنه لا يُشمت ، لأن الإنصات للخطبة واجب .
7_ من أحكام العطاس:
من عطس وهو في حالة يمتنع عليه فيها ذكر الله - كما إذا كان في الخلاء - فلو خالف فحمد الله تعالى في تلك الحالة فلا يستحق التشميت لأن الذكر منهي عنه في الخلاء .
(1) رواه البخاري (10/607) برقم (6223) في الأدب، باب ما يُستحب من العاطس...
(2) رواه البخاري في الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز برقم (1240) , ورواه مسلم في السلام، باب من حق المسلم للمسلم برقم (2162).
(3) رواه مسلم (4/1705) في السلام، باب من حق المسلم للمسلم برقم (2162).
(4) رواه البخاري في الأدب، باب إذا عطس كيف يُشمّت؟ برقم (6224).
(5) رواه البخاري في الأدب، باب لا يُشمّت العاطس إذا لم يحمد الله برقم (6225)، ومسلم في الزهد والرقائق, باب تشميت العاطس برقم (2991).
(6) رواه مسلم في الزهد والرقائق, باب تشميت العاطس برقم (2992).
(7) رواه أبو داود في الأدب، باب في العطاس برقم (5029)، والترمذي في الاستئذان, باب ما جاء في خفض الصوت برقم: (2746).
(8) رواه مسلم في الزهد، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب برقم: (2993).
(9) رواه أبو داود في الأدب، باب كم مرة يشمت العاطس مرفوعاً وموقوفاً برقم: (5034، 5035).
(10) الأذكار للنووي 1/274 .
(11) زاد المعاد لابن القيم 2/401 .
(12) رواه أبو داود في الأدب، باب كيف يشمت الذمي برقم: (5038).