التفكر في الكون و أثره في ترسيخ الإيمان،
ن من العبادات التي هجرها الكثيرون في هذا الزمان عبادة التفكر في آيات الله تعالى الكونية التي دعا إليها القرآن والسنة النبوية والسلف الصالح ا
إن إتساع علم الإنسان اليوم يضع على عاتق المسلم واجبا بأن يزيد من تفكره في عجائب خلق الله ليزداد معرفة ويقينا .
قال الرسول الكريم في حديث شريف و صحيح : (( لا عبادة كالتفكر ، تفكر ساعة خير من عبادة ستين عاماً)) و في رواية أخرى للحديث ... (( سبعين عاماً))
قال صلى الله عليه وسلم
" تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذاته، فإنكم لن تقدروا" لأن التفكر في نعم الله هو شرط معرفة الله ومحبته، أما التفكر في ذاته فهو فوق طاقة الإنسان .
يقول تعالى قي سورة آل عمران:
{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ
اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي
خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً
سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {191}
، فالله تعالى دعا المومنين إلى التفكر والتأمل. في مخلوقاته، وحثهم على المواظبة عليه
ينبغي للمسلم أن لا نكون نظرته عادية،
نظرة سطحية لظواهر الأشياء، بل نظرة عبادة نظرة
عميقة تحمله من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب ، ومن معرفة المخلوق
على معرفة الخالق سبحانه الذي خلق الكائنات وأبدع النظام الذي تسير عليه ،
يقول تعالى
: {الَّذِي خَلَقَ
سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن
تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ } لملك3
.
* فوائد التفكر: التفكر في نظام الكون وأجزائه يورث فوائد كثيرة منها:
- الاتصال الدائم بالله تعالى: لأن التفكر عبادة لله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، يورث الخشية والخشوع ودوام التوجه إليه.
- تكثير العلم واستجلاب المعرفة: العلم هو الثمرة الخاصة للتفكر، وإذا حصل العلم في القلب تغير حال القلب، وإذا تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح إلى الأحسن والأفضل.
- ترسيخ الإيمان وتنميته إلى درجة اليقين: التفكر في خلق الله، ودراسة الظواهر المختلفة، يرسخ الإيمان ويبلغ به درجة اليقين .
- مخافة الله والشعور برقابته: عندما يشعر الإنسان بمخافة الله ، ويحس بدوام وجوده معه، فهذا يبعده عن المعصية ، ويصرفه عن السقوط في الجريمة والفساد
{وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ
فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ
وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران
- محبة الله تعالى: فأصل
المعرفة التفكر، وثمرة المعرفة المحبة، والمحبة غاية كل مؤمن صادق. ومحبة
الله تحصل من التفكر في النعم لأن النفس مجبولة على محبة من أحسن إليها، عن
ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي). ثــانــيا: التفكر منبع الإيمان ومنار الأعمالأقسام التفكر: يقول تعالى:
{لَوْ
أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً
مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا
لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21. أصل الخير والشر من قبل التفكر، والفكر يمكن إعماله فيما يصلح حال الإنسان أو يفسده ، وانفع أنواع التفكر على أربعة أقسام:
1- التفكر في صفات الله وأفعاله لا في ذاته: يستحب التفكر في صفات الله تعالى وفي مخلوقاته انطلاقا من المنهج الذي رسمه القرآن الكريم والسنة النبوية
والسلف الصالح ، ويحرم التفكر في ذات الله وكيفيته لأن ذلك لا يؤدي بالإنسان إلى نتيجة أو علم، لأن الإنسان لا يستطيع إدراك كنه ذات الله تعالى لأنه عاجز عن معرفة كنه الروح الت هي إحدى مخلوقاته.
2- التفكر في الكتاب: الله سبحانه يدعو عباده إلى تدبر كتابه والتفكر في معانيه.
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}النساء82
3- التفكر في أمور الآخرة: التفكر قي الآخرة وشرفها ودوامها، وفي الدنيا وخستها وفنائها، يثمر الرغبة في لآخرة والزهد في الدنيا. و كلما ازداد علمنا
بتفاصيل اليوم الآخر مالت قلوبنا أكثر نحو الصلاح واجتهدت جوارحنا في فعل الخيرات وتركم المنكرات.
4- التفكر في الموجودات: الكون كتاب مفتوح يورث التفكر فيه اليقين بعظمة خالقه ويوثق الصلة بالله سبحانه وتعالى، والاتصال بالله يسبب استقامة
التفكير ونبله، وصقل الروح وسموها.
ثــالثا: نماذج للتفكر في الأنفس والآفاقيقول تعالى
{
وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ{20}( وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا
تُبْصِرُونَ{21}( وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ }الداريات التفكر في خلق الله يشمل:
1- التفكر في الآفاق / الكون(أياتن الله في السماوات والأرض): أنظر الكتاب المدرسيفي
القرآن الكريم آيات كثيرة يستشهد بها الحق سبحانه على صدق وحيه منها قوله
تعالى{ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ}. ومن ذلك آيات الله في
الأرض الدالة على طلاقة قدرته، وعظيم حكمته، وإحاطة سلطانه وعلمه .إن
الآيات الناطقة بالإعداد الدقيق لهذا الكون المذهل ولهذه الأرض ليكونا
مهيأين لحياة الإنسان كثيرة لا تعد ولا تحصى . ونقتصر هنا على ما يأتي:
{قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }يونس1012- التفكر فيآيا ت الأنفس( خلق الإنسان في ضوء الكتاب والسنة): أنظر الكتاب المدرسي{أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى{36} أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ تمْنَى{37}
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى{38} فَجَعَلَ مِنْهُ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{39} أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى
أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى{40} }القيامة36{وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ{12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ
نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ{13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً
فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً
فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ
فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ{14}