عيون وآذان (على الرئيس مبارك ان يبدأهم بالهجوم)
الاربعاء, 26 يناير 2011
جهاد الخازن
في الثالث من آب (اغسطس) الماضي وقع حادث على الحدود بين لبنان وإسرائيل
قتل فيه ضابط إسرائيلي وثلاثة عسكريين ومدني من اللبنانيين. وكتبتُ بعد
ذلك مقالاً تناولت فيه مواقف ثلاثة نواب يهود أميركيين هم الديموقراطي
هوارد بيرمان، والجمهوريان ايلينا روس - ليتينين وبيتر كينغ، فقد طالبوا
جميعاً بوقف المساعدات العسكرية وغيرها للبنان لأنهم إسرائيليون قبل ان
يكونوا أميركيين (روس - ليتينين خلفت بيرمان في رئاسة لجنة الشؤون الخارجية
في مجلس النواب الجديد الذي بدأ عمله في الخامس من هذا الشهر).
في 25/12/2010 كتبت عن النائب بيتر كينغ، رئيس لجنة الأمن القومي في
الكونغرس الجديد الذي يريد ان يحقق في «راديكالية» بعض المسلمين
الأميركيين، وسألت من سيحقق في راديكالية كينغ، وفي آخر يوم من السنة
الماضية كتبت عن روس - ليتينين وهي يهودية مهاجرة من كوبا تسجل في الكونغرس
من الطائفة البروتستانتية لأن هذه طائفة زوجها دكستر ليتينين، وتريد وقف
المساعدات لمصر مع الفلسطينيين وإلغاء أونروا وتهدد الجميع.
في الشهرين اللذين مضيا بين انتخابات 2/11/2010 وبدء الكونغرس الجديد
عمله هذا الشهر، سجل الرئيس أوباما الذي خسر حزبه الديموقراطي الانتخابات
نجاحات مذهلة، فقد عقد صفقة على الضرائب مع الجمهوريين وأقر الكونغرس اتفاق
خفض الأسلحة النووية مع روسيا، وألغى سياسة «لا تسأل لا تخبر» عن المثليي
الجنس في القوات المسلحة.
الجمهوريون الآن يريدون نقض نجاحات أوباما مع ان حزبه لا يزال يملك
الغالبية في مجلس الشيوخ، والنائب داريل عيسى، وهو أرثوذكسي من اصل لبناني
يرأس لجنة مراقبة عمل الحكومة، أعلن عزمه إجراء ستة تحقيقات في ثلاثة أشهر
واتهم الإدارة بأنها من «أكثر الإدارات فساداً في تاريخ اميركا».
داريل عيسى طالب شهرة في رأيي وموضوعه لا يهمني، وأريد اليوم ان أتحدث
بسرعة عن جون بومر، رئيس مجلس النواب، وبتفصيل أكبر عن اريك كانتور، زعيم
الغالبية الجمهورية في المجلس، فهو ليكودي متطرف يعمل لإسرائيل وحدها.
بومر يميني يزعم انه يريد خفض العجز، ويتهم إدارة أوباما به، مع ان
الجمهوري جورج بوش الابن هو الذي صنعه، وبومر حارب وصول الجمهوري رون بول
الى رئاسة اللجنة المالية لأن هذا ضد الحروب، ومع خفض العجز، اما بومر فمع
كل حرب على العرب والمسلمين، وهو في تطرفه يعتقد ان الضمانات الصحية تعني
تمويل الإجهاض من أموال الضرائب، ويتهم منظمات «إرهابية» بالاعتداء على
إسرائيل، في حين ان هذه دولة إرهابية محتلة مجرمة والمنظمات التي تقاومها
حركات تحرر وطني.
حاولت أن أختصر في كل ما سبق لأصل الى كانتور، فأنا لا أعتبر هذا العضو
اميركياً وإنما هو إسرائيلي بالكامل. وعندي دليل واضح، فعندما زار رئيس
وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو واشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي
اجتمع كانتور معه قبل ان يرى الرئيس، وأصدر مكتبه بياناً يقول بصراحة، أو
وقاحة، ان الغالبية الجمهورية ستراقب الإدارة «وأوضح ان الغالبية الجمهورية
تفهم العلاقة الخاصة مع إسرائيل وأن أمن كل من البلدين يعتمد على البلد
الآخر».
اسرائيل دمرت أمن الولايات المتحدة وتسببت في قتل أبنائها، وأنا أكتب
وأمامي أربعة تعليقات أميركية كلها اعتبرت انتصار كانتور لنتانياهو ضد رئيس
بلاده «يمين ولاء لإسرائيل».
كانتور مسجل بصفة الجمهوري اليهودي الوحيد في الكونغرس الجديد، غير ان
روس - ليتينين يهودية، على رغم تبعيتها لزوجها، وهو مثلها يريد قطع
المساعدات عن الفلسطينيين، وقد عارض تقديم 400 مليون دولار للسلطة
الفلسطينية في أربع سنوات، مع ان إسرائيل تتلقى ثلاثة بلايين دولار في
السنة الواحدة ويقتل الفلسطينيون بسلاح أميركي.
أغرب من ذلك، ان كانتور طالب بإخراج المساعدات لإسرائيل من قانون
المساعدات الخارجية الأميركية لتبقى كما هي، في حين يحاول وأمثاله خفض
المساعدات للدول الأخرى ضمن القانون.
مرة أخرى، أحذر الرئيس حسني مبارك مما تدبر عصابة إسرائيل في الكونغرس
لمصر، فالعرب والمسلمون كلهم مستهدفون، والفلسطينيون قبل غيرهم، إلا ان
الأساس يبقى مصر وتصريحات نواب إسرائيل، لا أميركا، مسجلة تتكلم عن نفسها،
وربما يأتي الإسرائيليون غداً للرئيس المصري مع وعد «المساعدة» في الكونغرس
في مقابل استسلام مصر لشروطهم، وهذا مستحيل وكارثة.
هؤلاء «ناس تخاف ما تختشيش» وكما قلت في المقالات السابقة فكل ما على
الرئيس مبارك هو ان يبدأهم بالهجوم والتحدي، وأن يهتف (ضد إسرائيل) «يا
عرب» لينزل مئة مليون عربي الى الشارع منتصرين لمصر.