قد يقع الإنسان في مرض وابتلاء بدني أو نفسي روحي وفي القرآن الكريم والسنة المطهرة الشفاء، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ. وأمّا الرّقية الشرعية والتعويذات والتحصينات النبوية فخيرها كثير ثابت يعجز القلم عن حصرها ولا يحل محلها أيُّ دواء مادي وخصوصاً في المسّ الشيطاني والسحر والعين والوسواس وهذه الأدواء لها أعراض ومعاناة تختلف في جوانب كثيرة عن الأمراض العضوية ويفشل الطب العام في علاجها وما أحسن الطبيب أو المعالج إذا عَرَفَ كيف يجمع بين العلاج المادي والروحي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ويُرْشَدُ وما أكمل وأطيب اليقين الذي يجعلنا نتداوى من جميع أمراضنا البدنية والروحية والنفسية بكتاب ربنا جلّ جلاله كما كان سلفنا الصالح، ثم على العبد أن يعلم أنّ لكلِّ ذنب عقوبة فلابد من الخروج من المظالم وإعادة الحقوق إلى أصحابها والرجوع عن الآثام والمعاصي وتجديد العهد مع الله سبحانه بالتوبة والندم.
أمور لابُدّ منها قبل العلاج وبعده:
وإليك أخي بعض النصائح والوصايا التي تساعد على العلاج وتدفع البلاء بإذن السميع العليم الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء نسأله عز وجل أن ينفعنا بها:
1- اليقين وحسن الظن بالله عز وجل وأن لا يقال: أجرب كلام الله (العلاج بالرقية)، حشا أن يساء الظنُّ به فيُقرأ بنيةِ "إن شفى شفى وإن لم يشفِ يَذهَب إلى غيره" حاشا أن يُجرَّب القرآن الكريم بنية أنه ليس شفاء، ويا خيبة من قرأه وظن أن الخير فيما سواه، بل أتيقن بأن فيه الشفاء فهو الأصل في العلاج قال تعالى: ﴿قُل هُو لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء﴾ وأن ندعوَ الله ونحن موقنون بالإجابة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ادْعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غفِلٍ لاهٍ﴾. رواه الترمذي في سننه في كتاب الدعوات.
2- استشعار عظمة الخالق والالتجاء إليه والتعلق به ودعاؤه والتوبة إليه فهو الشافي وحده.
3- حفظ العبد ربه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
4- الطهارة الدائمة (الوضوء، الغسل...)
5- إقامة الصلاة والمحافظة على وقتها واعتياد المسجد.
6- تلاوة القرآن الكريم بتدّبرٍ وفهمٍ والإنصاتُ والخشوعُ عندَ سماعِهِ.
7- الإكثار من الأذكار المستمدة من الكتاب والسنة وذكر الله على كل حال.
8- تحري الحلال في المطعمِ والمشرب والملبسِ والمسكنِ والقناعةِ باليسير الحلال وتجنب المال الحرام قليله وكثيره.
9- الالتزام باللباس الشرعي المحتشم، غض البصر، حفظ الفرج واللسان.
10- بر الوالدين وصلة الرحم.
11- الإحسان إلى الناس والصدقة؛ عن أبي أمامة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ﴿داووا مرضاكم بالصدقة﴾.
12- تطهير البيت من التصاوير التي تمثل أشياءَ لها روح والتماثيل أشد تحريماً، وكذا تربية الكلاب لغير حاجة ولا منفعة (كالصيد والحراسة...)
13- حفظ البصر وعدم النظر إلى ما لايحل من النساء وترك الخوض في الباطل والكذب والغيبة والنميمة والشتم والطعن وكل ما لا يجوز قولهُ وفعلهُ.
14- تجنب رفقاء السوء والسخرية من الناس واحتقار واستضعاف الناس.
15- أكثر من الدعاء بعد كل أذان وقبل كل صلاة وبعدها وفي جوف الليل واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات.
16- الابتعاد عن السحرة والمشعوذين والدجالين قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْاْ قَالَ مُوسى مَا جِئْتُم بِهِ اِْلسِّحْرُ إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ، إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ اَلْمُفْسِدِينَ﴾ سورة يونس الآية 81، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ﴿اجتنبوا السبع الموبقات وقال يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله والسحر...﴾ رواه البخاري
قال الإمام النووي عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات ومنه ما يكون كفرا ومنه ما لا يكون كفرا بل معصية كبيرة.
الإسلام يحرم التماثيل:
حرم الإسلام في البيت الإسلامي أن يشتمل على التماثيل وأعني بها الصور المجسمة غير الممتهنة، وجعل وجود هذه التماثيل في بيت سببا في أن تفر عنه الملائكة، وهم مظهر رحمة الله ورضاه تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل﴾. متفق عليه واللفظ لمسلم.
قال العلماء: إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصورة، لأن متخذها قد تشبه بالكفار، لأنهم يتخذون الصور في بيوتهم ويعظمونها. فكرهت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته هجرا له.
وحرم الإسلام على المسلم أن يشتغل بصناعة التماثيل، وإن كان يعملها لغير مسلمين، قال عليه السلام ﴿إن من أشد عذابا يوم القيامة، الذين يصورون هذه الصور﴾. وفي رواية: ﴿الذين يضاهون بخلق الله﴾ متفق عليه.
وأخبر عليه السلام أن ﴿من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا﴾ البخاري وغيره. ومعنى هذا أنه يطلب أن يجعل فيها حياة حقيقية. وهذا التكليف إنما هو للتعجيز والتقريع.
احمدِ الله على العافية واحمده أولاً وآخراً على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة والحمد لله العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحكمة في تحريم التماثيل:
أ- ومن أسرار هذا التحريم - وليس هو العلة الوحيدة كما يظن بعض الناس - حماية التوحيد،والبعد عن مشابهة الوثنيين في تصاويرهم وأوثانهم التي يصنعونها بأيديهم، ثم يقدسونها ويقفون أمامها خاشعين.
إن حساسية الإسلام لصيانة التوحيد من كل شبهة للوثنية قد بلغت بأمم اتخذوا لموتاهم وصالحيهم صورا يذكرونهم بها، ثم طال عليهم الأمد فقدسوها شيئا فشيئا، حتى اتخذت آلهة تعبد من دون الله، ترجى وتخشى وتلتمس من عندها البركات كما حدث لسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر.
ولا عجب في دين كان من قواعد شريعته سد الذرائع إلى الفساد أن يسد كل المنافذ التي يتسرب منها إلى العقول والقلوب شرك جلي أو خفي، أو مشابهة للوثنيين وأهل الغلو من الأديان.
ب- ومن أسرار التحريم بالنسبة للصانع (المثال)... أنه يملؤه الغرور، حتى لكأنما أنشأ خلقا من عدم، أو أبدع كائنا حيا من تراب ولهذا قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ﴿إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم﴾ متفق عليه.
ج- ثم إن الذين ينطلقون في هذا الفن إلى مداه لا يقفون عند حد، فيصورون النساء عاريات أو شبه عاريات، ويصورون مظاهر الوثنية وشعائر الأديان الأخرى، كالصليب والوثن وغير ذلك مما لا يجوز أن يقبله المسلم.
د- وفضلا عن ذلك، فقد كانت التماثيل - ولا تزال - من مظاهر أرباب الترف والتنعم، يملؤون بها قصورهم، ويزينون بها حجراتهم، ويتفننون في صنعها من معادن مختلفة. وليس بعيدا عن دين يحارب الترف في كل مظاهره وألوانه - من ذهب وفضة وحرير - أن يحرم كذلك التماثيل في بيت المسلم.
الرخصة في لعب الأطفال:
إذا كان هناك نوع من التماثيل لا يظهر فيه قصد التعظيم، ولا الترف ولا يلزم منه شيء من المحذورات السابقة فالإسلام لا يضيق به صدرا ولا يرى بأسا. وذالك كلعب الأولاد الصغار التي تصنع على شكل عرائس أو قطط أو غير ذلك من السباع والحيوانات فإن هذه الصور تمتهن باللعب وعبث الأولاد بها. قالت أم المؤمنين عائشة: ﴿كنت ألعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يأتيني صواحب لي فكن ينقمعن (يختفين) خوفا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله يسر لمجيئهن إلى فيلعبن معي﴾ متفق عليه... والبنات المذكورة في الحديث هي العرائس التي يلعب بها الجواري والولدان، وكانت السيدة عائشة حديثة السن في أول زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الشوكاني: في هذا الحديث دليل على أنه يجوز تمكين الصغار من اللعب بالبنات للبنات الصغار رخصة.
اقتناء الكلب لغير حاجة:
وقد رأينا هؤلاء المترفين، ينفقون على الكلاب، ويبخلون على بني الإنسان، ورأينا منهم من لا يكتفي بإنفاق ماله على تدليل كلبه، بل يفرغ عاطفته فيه على حين يجفو قريبه، وينسى جاره وأخاه.
كما أن وجود الكلاب ببيت المسلم مظنة لنجاسة الأواني ونحوها مما يبلغ فيه الكلب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب﴾ البخاري. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ﴿أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت، إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتان توطأن، ومر بالكلب فليخرج﴾ رواه أبو داود والنسائي و الترمذي وابن حبان في صحيحه
وهذا المنع إنما هو للكلاب التي تقتني لغير حاجة ولا منفعة (الصيد، الحراسة،...)