الرياض - محمد عطيف
قبل
أيام قلائل توقف وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي
الدين خوجة أمام دار الساقي اللبنانية الشهيرة في جناحها في معرض الرياض
الدولي للكتاب ليسأل عن كتب الكاتب السعودي المثير للجدل الدكتور تركي
الحمد، ما وصف بأنه أحرج الدار الشهيرة التي لم تحضر الكتب من ضمن ما
أحضرته من إصدارات.
رغم تحقيق تلك المؤلفات عادة لحضور قوي معروف خصوصاً اعتبار البعض أن
المعرض فرصة للحصول عليها في ظل المنع الفعلي لها داخل السعودية، وفي ظل
تباين الآراء حول كون عدم إحضار الكتب كان اجتهاداً شخصياً من الدار
لتفادي الإشكاليات من الأساس مع عدة جهات يقال إنها ترفض دخول كتب الحمد.من جهته قال د. تركي الحمد لـ"العربية.نت" إن تضارب الأخبار فعلاً أوقعه
في حيرة و"في الوقت الذي أبلغتني فيه الدار -دار الساقي- بأنها تلقت
تحذيراً من جهات أو مسؤولين لهم علاقة بالمعرض تحذرهم من إحضار كتبي أجد
أن وزير الإعلام جاء ليسأل عن كتبي في نفس جناح الدار، وهو أمر أشكره عليه
ولكنني في حيرة في تفسير الأمرين".
واستطرد "وإلا ما معنى منع كتبي منعاً فعلياً وبالاسم، وحتى لو أرادت
الدار استدراك الأمر فهناك مسائل لا تسمح، كالوقت الذي يستغرقه الشحن
وإجراءات عديدة أخرى".
وأضاف الحمد: "قبل سنة تقريباً صحبت كتبي إلى الوزير شخصياً وقال لي إنه
لا يوجد ما يمنعها من النشر ولن تمنع، لكنني من وقتها أعرف وينقل لي ويؤكد
لي أيضاً أنها ممنوعة بالفعل من دخول السوق السعودي، وفي المنافذ الحدودية
والمطارات تتم مصادرتها على الفور، إذ إنها من ضمن لائحة إصدارات ممنوعة
تصدرها وتحدثها وتشرف عليها وزارة الإعلام حسب علمي".
وأبدى توقعاته لسبب هذا التضارب بقوله "أنا شخصياً أعتقد أن هناك من صغار
الموظفين من ليس لديه ما هو أسهل من كلمة (لا)، وهؤلاء يعرقلون أو يبطئون
تنفيذ القرارات أو تعطيل تمريرها بشكل أو بآخر، كما أن هناك جهات أخرى مثل
هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يهمها كثيراً حظر مؤلفاتي".
وأضاف "من جهتي لا أنوي تصعيد الأمور، ولن أقوم بشيء، فكتبي تحقق حضوراً
ومبيعات جيدة خارجياً على الأقل، وربما في المنع خير في تحقيقها أرقاماً
كبيرة في المبيعات، وسأنتظر أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بحل هذا
التضارب والوصول للأسباب الحقيقية".
خوجة: لا يوجد منع وكان وزير الثقافة والإعلام السعودي قد أكد الجمعة 12-3-2010 في حديثه مع برنامج "واجه الصحافة" مع الإعلامي داود الشريان الذي بثته قناة "العربية"، حول ازدواجية السماح بحرية تداول الكتاب ما بين معارض الكتاب واستيقاف نفس العناوين في المنافذ، أكد خوجة أن أي شخص يحضر معه كتب لا يمنع ولا يفتش، هناك توجيه لجميع المنافذ. احضر أي كتاب ولن تمنع واتصل بي شخصياً لو حدث ذلك، أنا الآن أتحدث على الملأ ومسؤول عن حديثي". مقراً بأن المسألة برمتها "تحتاج إلى وقت وصبر لتنفيذها".
وأضاف "لا صحة لتفضيل الكتاب العربي على السعودي.. أي عمل إبداعي وإنساني غير ممنوع، فقط باستثناء تلك التي فيها تجريح للذات الإلهية.. نحن في أرض الحرمين ولا نقبل الكتب المسيئة، لكني أؤكد أن الفسح هو الأصل". |
|
الرقابة تستهدفني من جهته كان تركي الحمد قد أكد في حواره الأخير لصحيفة "الوطن" السعودية أن منع كتبه للسنة الثانية على التوالي يُقصد به التضييق عليه شخصياً، موضحاً أن المنع بسبب اسم المؤلف وليس بسبب المحتوى، والكتب المنشورة والمعروضة بها من الحرية ما يفوق ما تم كتابته في مؤلفاته بكثير.
وقال "المحظورات التي كانت قبل 10 سنوات لم تعد محظورة الآن، وبالتالي أريد أن أعرف معايير الرقابة والمنع التي تستند إليها الوزارة في منعها لمؤلفاتي"، مؤكداً أن هناك رقابة انتقائية فوضوية، وأعيد القول إن السبب في المنع هو الاسم أكثر من المحتوى". وأضاف الحمد "من الذي أمر بمنعها إذا كان الوزير خوجة يقول إنه مستغرب من عدم وجودها، وأنا أعتقد أن المسألة محاباة لفئات معينة قد تستفزها هذه المؤلفات، وأتمنى أن يكون هناك نظام معيّن يتبع في مسألة الرقابة المتبعة الآن، وأن يكون هناك نظام موجود يشمل الجميع". وعن الإشاعة التي انتشرت برفع المنع عن مؤلفاته، أكد أنها ليست صحيحة على الرغم من استقباله اتصالاً من بيروت مفاده أن الوزير رفع الحجب والمنع عن كتبه ومع ذلك لم تعرض حتى اليوم.
ووجه الحمد رسالة لوزير الثقافة والإعلام قال فيها: إن السياسة المتبعة حالياً لا تتناسب مع قامة السعودية ثقافياً وتنموياً، وإذا تم المنع والحجب بغير مبررات أو لأجل إرضاء فئات معينة فأعتقد أننا سنبقى في نفس الخانة إلى أبد الآبدين". هذا فيما أشارت "الوطن" إلى أن كتب الحمد موجودة في جناح دار الساقي في المعرض، لكن الدار لم تبعها رافضة إيضاح السبب في عدم البيع رغم توافرها.
يُذكر أن الدكتور تركي الحمد وهو كاتب وروائي ويعرف بأنه أحد أبرز ما يصطلح على تسميته بالتيار الليبرالي في المملكة العربية السعودية، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في النظرية السياسية من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1985. وعمل أستاذاً للعلوم السياسية في كلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود بين عامي 1985 – 1995 قبل تقاعده، كما عايش في الستينات والسبعينات ما مر بالعالم العربي من تحولات فكرية وسياسية متضاربة، وأحزاب قومية متناقضة من القومية والناصرية والبعثية.. إلى الاشتراكية والشيوعية وغيرها من الأحزاب. وكانت بداياته كاتباً في صحيفة "الرياض" ثم انتقل إلى كاتب في صحيفة "الشرق الأوسط" منذ عام 1990، ومن أبرز ما كتب ثلاثيته الموسومة بـ"أطياف الأزقة المهجورة"، والتي تتكون من ثلاث روايات، صدرت أولها عام 1995، وقد أثارت هذه الثلاثية كثيراً من الجدل، نتيجة لتعرضها إلى موضوعات حساسة في المجتمع السعودي كالدين والجنس والسياسة. وقد بلغ من الجدل المثار حوله أن أصدر عدد من المحسوبين على التيار الديني في المملكة العربية السعودية ثلاث فتاوى بتكفير الكاتب وإهدار دمه بسبب تعرضه لما يصفونه بأنه من ثوابت الشريعة. وبرغم شهرة "الثلاثية" فقد سبقتها عدة مؤلفات منها كتاب "الحركات الثورية المقارنة"، و"عن الإنسان أتحدث"، وبعد الثلاثية أصدر الكاتب كتاب "الثقافة العربية في عصر العولمة"، ثم عاد إلى الكتابة الروائية مصدراً روايتين هما "شرق الوادي" ثم "جروح الذاكرة". بعد ذلك أصدر الكاتب عملين غير روائيين هما على التوالي "ويبقى التاريخ مفتوحاً" و"من هنا يبدأ التغيير". |