الصحيح الذي عليه المحققون: أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله.
ومعنى قول بعض المفسرين: إن هذا الحرف زائد يعني من جهة قواعد
الإعراب، وليس زائدًا من جهة المعنى، بل له معناه المعروف عند المتخاطبين
باللغة العربية؛ لأن القرآن الكريم نزل بلغتهم كقوله سبحانه: ( ليس كمثله
شيء ) ، يفيد المبالغة في نفي المثل، وهو أبلغ من قولك: ليس مثله شيء.
وهكذا قوله تعالى:
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا
...
.
فإن المراد بذلك سكان القرية، وأصحاب العير، وعادة العرب تطلق القرية
على أهلها، والعير على أصحابها، وذلك من سعة اللغة العربية وكثرة تصرفها في
الكلام، وليس من باب المجاز المعروف في اصطلاح أهل البلاغة، ولكن ذلك من
مجاز اللغة أي: مما يجوز فيه ولا يمتنع، فهو مصدر ميمي كالمقام والمقال،
وهكذا قوله سبحانه: ( ... وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ... ) . يعني:
حبه، وأطلق ذلك؛ لأن هذا اللفظ يفيد هذا المعنى عند أهل اللغة المتخاطبين
بها، وهو من باب الإيجاز والاختصار لظهور المعنى. والله ولي التوفيق.