القرآن كلام الله- جل وعلا- أخذه جبريل عن الله، وقرأه على محمد -صلى
الله عليه وسلم- واستمعه محمد -صلى الله عليه وسلم- من جبريل وأخذه منه.
كما تكلم به الله - جل وعلا- وحفظه الله -تعالى- في قلب محمد -صلى الله عليه وسلم- قال- تعالى -:
لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ *
إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *
فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ *
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ
وقال ابن جرير- رحمه الله - في تفسيره: "اختلف أهل التأويل في السبب الذي
من أجله قيل له: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) ، فقال
بعضهم: قيل له ذلك؛ لأنه كان إذا نزل عليه منه شيء، عجل به يريد حفظه من
حبه إياه، فقيل له: لا تعجل به، فإنا سنحفظه عليك. وقال آخرون : بل السبب
الذي من أجله قيل له ذلك: أنه كان يكثر من تلاوة القرآن مخافة نسيانه فقيل
له: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلْ بِهِ ) إن علينا أن جمعه لك
ونقرئكه فلا تنسى
انتهى. وقال -تعالى- :
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
والذكر هو القرآن.
وقد حفظه الله على المسلمين، وتلقاه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-
عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم- كتابة وحفظا، وبلغوه الأمة غضًا طريًا، لم
يدخله شيء من التحريف أو النقص، وقد جمعه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -
في خلافته بواسطة زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ، ثم جمعه عثمان في خلافته
على حرف واحد؛ لئلا تختلف الأمة في ذلك، ومن قال: إنه غير محفوظ، أو دخله
شيء من التحريف، أو النقص، فهو ضال يستتاب، فإن تاب وإلا وجب على ولي الأمر
قتله مرتدا؛ لأن قوله يصادم قول الله - عز وجل-: ( إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، ويصادم إجماع الأمة
على حفظه وسلامته؛ ولهذا أنكر علماء المسلمين على الشيعة الباطنية زعمهم:
أن القرآن الذي بين أيدي المسلمين ناقص، وأن الذي عندهم هو الكامل، وهذا من
أبطل الباطل.