ااااااه
.. تخيل ؟! اليوم تمر ذكرى مئوية ميلاد الشيخ الشعراوى والذى ولد 5 إبريل
1911 .. وبعد 12 يوماً ستمر 13 عاماً على وفاته .. فقد توفي يوم الجمعة
الموافق 17 ابريل عام 1998..
ارأيت كيف ان العمر يجرى ونحن وراء العمر نجرى ؟! ما رأيك لو توقفنا
قليلا لنعيد حساباتنا مع الدنيا ؟! ماذا لو تأملنا معا صور الامام الجليل
فى ايامه الاخيرة ؟ انظر اليها جيدا .. واقرأ له الفاتحة ، وادع له بالرحمة
والمغفرة ، ثم تعال اقل لك لماذا اخترت شخصية الشيخ الشعراوى تحديدا لأعطر
قلمى بالكتابة عنه..
لم يكن الشيخ الشعراوى مجرد داعية اسلامى ، وانما كان موسوعة فى العلم
والحلم .. نموذجا فى المعرفة ، وقدوة بجد ، كريما وصادقا ومؤثرا فى المجتمع
، لم يختلف على قدره اثنان ، ولو انك رجعت بالذاكرة الى الوراء قليلا
لتذكرت كيف ان شوارع مصر كانت تخلو من البشر فى الوقت الذى كان يذاع فيه
برنامجه التليفزيونى الشهير لتفسير القران .. النظام السياسى كان يعرف ،
ولذلك اختار توقيت اذاعة برنامجه ليعلن ذات مرة نبأ اقالة وزير الداخلية
الاسبق زكى بدر استجابة لمطلب شعبى كان ملحا فى ذلك الوقت .. وبرغم ان
الشيخ الجليل كان نجما فى السماء ، لكنه لم يكن سوبر ستار كنجوم الفضائيات
.. كان انسانا بحق .. أحد جيرانه فى حى الحسين واسمه الحاج مصطفى يتكلم عنه
يقول : كان الشيخ يتحلى بأخلاق الصديقين ، فلم نكن نسمع في بيته صوتاً ، و
لم يكن يجرح مشاعر أحد مطلقاً ،و لم يرد أحداً يطلب عنده حاجة حزيناً أو
مكسور الخاطر ..أما في شهر رمضان فكان يكلفنا بإقامة مائدة الرحمن فوق
السطوح من كثرة ما يأتى إلى مائدته ، لدرجة أن عدد المترددين على المائدة
في الشارع كان يبلغ حوالي ألف شخص ، و كان كل واحد منهم يأخذ عشرين جنيهاً
من الشيخ ، وكان يقيم في السيدة نفيسة مائدة شبيهة لمائدة الحسين ، و كان
يعطني قماشاً كثيراً أوزعه على الفقراء ، و كان الشيخ لا يأكل وحده ، بل
لابد أن يأكل مع زائريه أو يبحث هو عمن يأكل معه ، و أحياناً كان يحرص على
أن يطعم كل من أتى إليه ، فإذا اعتذر إليه الضيف أعطاه الشيخ طعامه و طعام
أولاده ليعود به إلى منزله .
فى حياة الشيخ الشعراوى رحمه الله مواقف كثيرة .. اشعر بأننا فى اشد
الحاجة لان نتعلم منها بخلاف ما تعلمناه من تفسيره للقران الكريم .. فقد
تمتع الشيخ الشعراوي بطبيعة ثائرة في صباه ورغبة في الصياح في وجه الفساد ،
وعندما كان في معهد الزقازيق رأس اتحاد الطلاب ولما تفجرت ثورة الأزهر
عام1934 خرج الشعراوي وأنشد بعض الأبيات التي اعتبرت عيبا في الذات الملكية
فقبض عليه وعن هذه القصة قال : (إنني كنت الوحيد الذي ظل طليقا لفترة
طويلة فقد كان رجال الحكومة يأتون للقبض على ولكنهم كانوا يخطئونني ويقبضون
على أناس غيري فاضطروا إلى القبض على أبي وأخي فسلمت نفسي إليهم وأخذوني
إلى مأمور الزقازيق الذي اصطحبني إلى وكيل النيابة فقلت له أني لن أتكلم
حتى يخرج المأمور ثم قلت:الحقيقة إنها مصيبة أمة يعمل فيها بوليس جاهل
،يسوي بيننا وبين اللصوص .وكان القاضي فيه وطنية تحكمه وكان يمدد حبسنا كل
أربعة أيام حتى حكم علينا بسجن شهر وكنا قد قضينا شهرا في السجن وبذلك أفرج
عنا )
اعذرونى يا جماعة .. فالكلام عن الشيخ الشعراوى يحملنى لمناطق بعيدة ..
فنحن نعيش فى زمن وزراءه مشغولون إما فى بيع البلد او "البلبطة" فى الساحل
الشمالى .. أما مولانا الشيخ الشعراوى رحمه الله فعندما كان وزيرا للاوقاف
انشأ بنك فيصل الاسلامى ليخدم فقراء المصريين ، برغم انها لم تكن "شغلته"
وكانت مسئولية وزير المالية ، ولما سألوه
قال الشيخ : راعيت وجه الله ولم أجعل في بالي أحدًا لأنني علمت بحكم
تجاربي في الحياة أن أي موضوع يفشل فيه الإنسان أو تفشل فيه الجماعة هو
الموضوع الذي يدخل هوى الشخص أو أهواء الجماعات فيه.. أما إذا كانوا جميعًا
صادرين عن هوى الحق وعن مراده، فلا يمكن أبدًا أن يهزموا، وحين تدخل أهواء
الناس أو الأشخاص، على غير مراد الله، تتخلى يد الله.
والنبى اقرأوا كلامه مرة اخرى !
لا اعرف اذا كنا نظلم الشيخ الشعراوى ام نظلم انفسنا عندما نختصر علمه فى
امور الدين ولا نحاول ان نستفيد به فى امور الدنيا .. مثلا نتكلم عن تربية
الاولاد باسلوب متحضر ديموقراطى بجد .. اسمع ماذا يقول عن تربية اولاده :
أهم شيء في التربية هو القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل
تقليدًا، وأي حركة عن سلوك سيئ يمكن أن تهدم الكثير. فالطفل يجب أن يرى
جيدًا، وهناك فرق بين أن يتعلم الطفل وأن تربي فيه مقومات الحياة، فالطفل
إذا ما تحركت ملكاته وتهيأت للاستقبال والوعي بما حوله، أي إذا ما تهيأت
أذنه للسمع، وعيناه للرؤية، وأنفه للشم، وأنامله للمس، فيجب أن نراعي كل
ملكاته بسلوكنا المؤدب معه وأمامه، فنصون أذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه
عن كل مشهد قبيح. وإذا أردنا أن نربي أولادنا تربية إسلامية، فإن علينا أن
نطبق تعاليم الإسلام في أداء الواجبات، وإتقان العمل، وأن نذهب للصلاة في
مواقيتها، وحين نبدأ الأكل نبدأ باسم الله، وحين ننتهي منه نقول: الحمد
لله.. فإذا رآنا الطفل ونحن نفعل ذلك فسوف يفعله هو الآخر حتى وإن لم نتحدث
إليه في هذه الأمور، فالفعل أهم من الكلام.
محمد عبد الله