كلكم
طغاة مستبدون ولا فرق بين مستبد وآخر ، فالاستبداد واحد .. وإن كان التصرف
بالقوة المحتكرة والمستـَبد بها قد يختلف من مستبد لآخر .. بين مستبد وطني
ومستبد عميل .. مستبد يوظف القوة لصالح الناس والوطن وكرامته(المستبد
العادل ) إن وجد ؟ ومستبد يوظفها لصالح المحتكرين والتجار والمرابين ..
كلكم
مستبدون لكن ليس هذا ما عجل وسيعجل بمن تبقى منكم وإن كان كافيا وحده ..
بل تآمركم على بعضكم وعلى شعوبكم واستقلال قرارها وارادتها حينما يضاف الى
بقية أخطائكم وخطاياكم القاتلة وجرائمكم الفظيعة.
فليس هو استبدادكم وطغيانكم وحده والذي تصرون عليه اصرارا عجيبا ، والذي
هو - أي هذا الاصرار- ربما من حكمة الله ، حتى يؤدي بالشعوب المخنوقة الى
التخلص من ذلك الطغيان..وحتى لا تؤدي استجابتكم لدعوات الاصلاح الى ترقيع
انظمتكم واطالة اعماركم فيها .
ولا هو استخدام تلك السلطة المستبد بها والمحتكرة بشكل قاس واجرامي ضد
الشعوب وغياب الرشد والحكمانية في ممارستها بعد احتكارها والاستئثار بها.
ولا هو استغلال تلك السلطة للاثراء والنهب وعقد صفقات مع المحتكرين
والفاسدين وجمعكم بين كونكم حكاما مستبدين وتجارا فاسدين معا بتفويضكم لتلك
السلطة المستأثر بها او جزء منها لاولئك التجار والمرابين واخذ الكومشن
بما يشبه البيع والمتاجرة بسلطة محتكرة اصلا بغير وجه حق.
لكنه امر آخر حينما يضاف لكل ذلك يجعله فوق أن يُحتمل .. إنه رهنكم
لإرادة وسيادة وكرامة الأوطان ، وانبطاحكم للأجنبي وتمرير مصالحه على حساب
مصالح الأوطان والشعوب والامم ،وتآمر كل واحد منكم ضد صاحبه ظنا منه أن هذا
ما يضمن له البقاء ، ذلك الاجنبي الذي ما ان تقعون حتى يكون أول من يسن
سكينه دون أن يشفع لكم موالاتكم وارتهان ارادتكم له .
كلكم طغاة ، لكن تآمركم بعضكم على بعض وعلى الاوطان والشعوب وقضاياها المصيرية هو ما عجل وسيعجل اكثر بخلاص الشعوب منكم.
اصراركم على الاستبداد والفساد ودفاعكم المستميت عنه من جهة وتامركم
بعضكم ضد بعض حتى وانتم تشتركون في الطغيان ظنا منكم ان ذلك التامر يوفر
لكم تعزيزا يحميكم من غضبات الشعوب ، كل ذلك هو القدر والسوسة الذي ينخر عروشكمم التي لابد ستتآكل قواعدها وتنهار.
إن ذلك الاصرار على الاستبداد والفساد والتآمر هي اصوب القرارات التي
تتخذونها لصالح الشعوب لانها هي ما سيشحنها بطاقة الثورة ويساعدها على
الخلاص منكم ويعطي لهباتها المشروعية والعدالة.
صدام
الذي تامرتم عليه كان مستبدا مثلكم وربما أكثر منكم ، لكن يفرقه عنكم
حاجتان : لم يكن فاسدا ولم يقايض السلطة في الداخل بالبنكنوت ولم يعقد صفقة
مع التجار والفاسدين ليثري من وراء السلطة التي يحتكرها على حساب الشعب ،
هذا اولا وثانيا كان عنيدا في المساومة على سيادة وكرامة الوطن ولم يقدم
تنازلات ليشتري بقاءه في السلطة بها ولو على حساب كرامة الشعب والوطن مثلما
تفعلون .
صحيح
ان ذلك - اي عناده وعدم تقديمه للتنازلات ورفضه الإملاءات أو التآمر
ومقايضة كرامة الوطن بالبقاء - قد عجل برحيله مع تآمركم عليه وتعاونكم مع
المحتل .. لكنه رحل بطريقة اكرم بكثير ، وقد اخذ فرصة افضل منكم حين اطاح
به الاجنبي الذي رفض إملاءاته ورفض أن يكون عميلا ذليلا له ، ذات الاجنبي
الذي تتامرون على بعضكم لصالحه فأطاح به محتل اجنبي ولم يطح به شعبه فبدا
بطلا شهيدا في أعين الناس ، وقد كان بمثابة الثور الابيض الذي اكلتم جميعا
يوم اكل وانتم تتفرجون ، وبينما أطاح به محتل أجنبي فقد ترككم ذلك الاجنبي
ذاته لشعوبكم وللسقوط المهين.
فهل سيتعلم من تبقى منكم من الدرس ..أظن أن لا ..
نرجو
من الله أن يعمي أعينكم عن أن تستفيدوا من الدرس ويحول بينكم وبين اخذ
العظة والعبرة منه ليُمضي ارادته فيكم وليقضي الله امرا كان مفعولا.