حِينمَا كُنّا صغارًا `
لا ندرك الكثير من مشاعر الحياة بل لم نصارع أمواجها بزوارقنا الصغيرة الهادئة !
كنا نسير على صفحات الماء دون اكتراث بالمراكب الأخرى التي غادرت وابتعدت ..
إما بعدًا إلى حينٍ لا نعلمه وإما بعدًا لا مجال للعودة منه ..
أذكر أنني كنت أسمعهم يقولون مات فلان لكن لا أعلم ماهية الموت !
فقط أرى " طرح " سوداء وأناس يسلمون ويخرجون !
أنظر إليهم بتعجب وأذهب لأكمل تركيب مكعباتي `
حِينمَا كُنّا صغارًا `
لم ندرك ذلك الفراغ الذي سيتركه رحيل كل مركب من على موانئ حياتنا ..
حِينمَا كُنّا صغارًا `
كان اضطراب الموج وتطايره على ملابسنا يسعدنا ويرسم على الثغر الطفولي بسمة
حتى وإن كان اضطرابه ناتج عن رحيل مركب !
حِينمَا كُنّا صغارًا `
نخاف من لون السماء حين يعانقها الشفق في سويعات الغروب وتشرئب لونًا أحمرًا :/
ولم نعي في بعض الأحيان أن ذلك قد يكون غروب وزوال لمركب آخر نحبه ..
وفي الليل المدلهم كنا نستلقي على ظهورنا لنعد كم نجمة في السماء
وتعجبنا نجوم كانت شديدة اللمعان
وفي الغد في نفس الوقت نتساءل عن نجم مشع رأيناه بالأمس واليوم أفل
وماله من ظهور ! /
تغير الحال وتقلبت الأحوال و " كُنّا " فعل ماضي مبني على الفتح ..
( أصبحنا كبارًا ) !
نُنصب ونُجزم نُجرّ ونُرفع ‘
تبدل كل شيء فأدركنا ما هو الموت وما هو الرحيل !
بل نحزن إن اضطرب الموج وتطاير !
نتأمل بعمق غروب الشمس
وعلمنا أن غروب شمس وأفول نجم ما هو إلا رحيل أحباب لنا :/
وتلك المراكب هي قلوبهم الطاهرة ترحل وتترك أثرا وبصمة
بعدما أصبحنا كبارًا قرأنا " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين "
بعدها سنبقى نسأل مُنزّل هذه الآية أن يجمعنا بأحبة لنا رحلوا عنّا
يجمعنا بهم تحت ظل عرشه ولا شيء غير هذا نرجو .
مما راق لي :