مصدر الموضوع الاصلي: صفات الحور العين في الكتاب والسنة
صفات الحور العين في الكتاب والسنة
ما وصف الحور العين مما ورد في الكتاب
والسنة ؟ والزوجة الصالحة في الدنيا ماذا يكون شكلها أو وصفها في الجنة إذا
أراد الله لها الجنة ؟ .
الحمد
لله
أولاً :
إن رضى الرحمن ودخول الجنان هو غاية ما يتمناه المؤمن
والمؤمنة ، فإذا خرج من الدنيا وقد فاز برضوان الله فليبشر بعد ذلك بالخير
كله ، فإذا دخل الجنة فلا يسأل بعد ذلك عن النعيم المقيم ، الذي لم تره عين
، ولم تسمع به أذن ، ولم يخطر على قلب بشر ، فيحصل له كل ما يتمناه بأحسن
أحواله ، وكل ما يطلبه مجاب ، وكل ما يشتهيه في متناوله ، ولا يمكن أبداً
أن يجد ما يعكر صفوه لأنه في ضيافة الرحمن كما قال سبحانه : ( وَلَكُمْ
فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ .
نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فصلت/31،32 .
ومن أحسن ما تشتهيه الأنفس في الآخرة للرجال نساء الجنة ، وهن
الحور العين ، وللنساء ما يقابله من النعيم ، ومن حكمة الله العظيمة أن
الله لم يذكر ما للنساء مقابل الحور العين للرجال ، لأن ذلك من دواعي الخجل
وشدة الحياء ، فكيف يرغبهن في الجنة بما يثير حياءهن ويستحيين من ذكره
والكلام فيه ، فاكتفى سبحانه بالإشارة إليه كما في قوله : ( وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ ) فصلت/31 .
وقد جاء في كتاب الله تعالى وصف للحور العين في أكثر من موضع
، ومن ذلك :
1. قوله تعالى في ذكر جزاء
أهل الجنة : ( وَحُورٌ عِينٌ . كَأَمْثَالِ
اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) الواقعة/22، 23 .
قال السعدي رحمه الله :
"
أي : ولهم حور عين ، والحوراء : التي في عينها كحل وملاحة ، وحسن وبهاء ،
والعِين : حسان الأعين وضخامها ، وحسن العين في الأنثى من أعظم الأدلة على
حسنها وجمالها .
(
كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) أي : كأنهن اللؤلؤ الأبيض
الرطب الصافي البهي ، المستور عن الأعين والريح والشمس ، الذي يكون لونه من
أحسن الألوان ، الذي لا عيب فيه بوجه من الوجوه ، فكذلك الحور العين ، لا
عيب فيهن بوجه ، بل هن كاملات الأوصاف ، جميلات النعوت . فكل ما تأملته
منها لم تجد فيه إلا ما يسر الخاطر ويروق الناظر " انتهى .
" تفسير السعدي " (ص 991) .
2. قوله تعالى : ( كَأَنَّهُنَّ
الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ) الرحمن/58 .
قال الطبري رحمه الله :
"
قال ابن زيد في قوله ( كأنهن الياقوت والمرجان )
: كأنهن الياقوت في الصفاء , والمرجان في البياض ، الصفاء صفاء الياقوتة ،
والبياض بياض اللؤلؤ " انتهى .
" تفسير
الطبري " ( 27 / 152 ) .
3. قوله تعالى
في وصف نساء الجنة في سورة الواقعة : ( إِنَّا
أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً . فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا . عُرُبًا
أَتْرَابًا ) الواقعة/35-37 .
قال
ابن كثير رحمه الله :
" قوله ( عُرُباً )
: قال سعيد بن جبير عن ابن عباس يعني : متحببات إلى أزواجهن ، وعن ابن
عباس : العُرُب العواشق لأزواجهن , وأزواجهن لهن عاشقون .........
وقوله ( أَتْرَابا ) قال الضحاك عن ابن عباس يعني : في سن
واحدة ثلاث وثلاثين سنة ........
وقال
السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق المتواخيات بينهن ليس بينهن تباغض ولا
تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر متعاديات " انتهى .
" تفسير ابن كثير " ( 4 / 294 ) .
وقال الحافظ ابن حجر :
عن
مجاهد في قوله ( عُرُباً أتراباً ) قال : هي المحببة إلى زوجها .
" فتح الباري " ( 8 / 626 ) .
4. وقال تعالى في وصفهن : ( فِيهِنَّ
خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) الرحمن/70 .
قال
ابن القيم :
ووصفهن بأنهن خيرات حسان
وهو جمع خَيْرة وأصلها خَيّرة وهي التي قد جمعت المحاسن ظاهرا وباطنا ,
فكمل خلقها وخلقها فهن خيرات الأخلاق , حسان الوجوه .
" روضة المحبين " ( ص 243 ) .
5. ووصفهن بالطهارة فقال : ( وَلَهُمْ
فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/25
.
قال ابن القيم :
ووصفهن بالطهارة فقال : ( ولهم فيها
أزواج مطهرة ) طهرن من الحيض والبول والنجو (الغائط) وكل أذى يكون
في نساء الدنيا ، وطهرت بواطنهن من الغيرة وأذى الأزواج وتجنيهن عليهم
وإرادة غيرهم .
" روضة المحبين " ( ص 243
، 244 ) .
6. ووصفهن تعالى بأنهن قاصرات
أطرافهن عن غير أزواجهن فقال : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ
الطَّرْفِ ) الرحمن/56 ، وقال : ( حُورٌ
مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) الرحمن/72 .
قال ابن القيم :
ووصفهن
بأنهن ( مقصورات في الخيام ) أي : ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن ،
بل قد قُصِرْن على أزواجهن ، لا يخرجن من منازلهم ، وقَصَرْنَ عليهم فلا
يردن سواهم ، ووصفهن سبحانه بأنهن ( قاصرات الطرف ) وهذه الصفة أكمل من
الأولى ، فالمرأة منهن قد قصرت طرفها على زوجها من محبتها له ورضاها به فلا
يتجاوز طرفها عنه إلى غيره .
" روضة
المحبين " ( ص 244 ) .
هذا طرف من ذكرهن
في القرآن ، وقد جاء في السنة ما تحار فيه العقول في وصف جمالهن وحسنهن ،
ومن ذلك :
1. عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أول
زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر , ثم الذين يلونهم كأشد كوكب
دري في السماء إضاءة , قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض
, لكل امرئ منهم زوجتان من الحور العين , يرى مخ سوقهن من وراء العظم
واللحم من الحسن ) رواه البخاري ( 3081 ) ومسلم ( 2834 ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
الحور
التي يحار فيها الطرف يبان مخ سوقهن من وراء ثيابهن , ويرى الناظر وجهه في
كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون .
" فتح الباري " ( 8 / 570 ) .
2. وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى
الأرض لأضاءت ما بينهما , ولملأت ما بينهما ريحا , ولنصيفها على رأسها خير
من الدنيا وما فيها ) رواه البخاري ( 2643 ) .
فلو أطلت بوجهها لأضاءت ما بين السماء والأرض ، فأي نور وجمال
في وجهها ! وطيبُ ريحها يملأ ما بين السماء والأرض ، فما أجمل ريحها !
وأما لباسها ؛ فإن كان المنديل الذي تضعه على رأسها خير من
جمال الدنيا وما فيها من متاع وروعة وطبيعة خلابة وقصور شاهقة وغير ذلك من
أنواع النعيم ، فسبحان خالقها ما أعظمه ، وهنيئا لمن كانت له وكان لها .
ثانياً :
وحال المؤمنة في
الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا ، وقد ورد في ذلك
بعض الأحاديث والآثار ولكن لا يثبت منها شيء ، ولكن المرأة الصالحة من أهل
الدنيا إذا دخلت الجنة فإنما تدخلها جزاء على العمل الصالح وكرامة من الله
لها لدينها وصلاحها ، أما الحور التي هي من نعيم الجنة فإنما خلقت في الجنة
من أجل غيرها وجعلت جزاء للمؤمن على العمل الصالح ، وشتان بين من دخلت
الجنة جزاء على عملها الصالح ، وبين من خلقت ليُجَازَى بها صاحب العمل
الصالح ، فالأولى ملكة سيدة آمرة ، والثانية على عظم قدرها وجمالها إلا
أنها لا شك دون الملكة وهي مأمورة من سيدها المؤمن الذي خلقها الله تعالى
جزاء له .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : هل الأوصاف التي ذكرت للحور العين تشمل نساء الدنيا ؟
فأجاب :
الذي يظهر لي أن
نساء الدنيا يكنَّ خيراً من الحور العين ، حتى في الصفات الظاهرة ، والله
أعلم .
" فتاوى نور على الدرب " .
نسأل الله العظيم أن يؤتينا أفضل ما يؤتي عباده الصالحين .
والله أعلم .