الزاهدة في الحب

الزاهدة في الحب

هذه القصة من تأليف فتاة في السابعة عشر من عمرها... طالبة من طالبات الثانوية الشرعية للبنات...

أحببتها وأحببته أسلوب هذه الفتاة في الكتابة فأحببت أن أنقلها لكم ...

أحببته...
لا أدري ما أحببت فيه...
ولماذا أحببته...
ربما هذا الهدوء الذي يميز كل تصرفاته...
ربما تلك الحيرة في عينيه...
ربما ذلك الحزن في صوته...
لست أدري تماماً كيف تعلقت صورته في ذاكرتي ولم تعد تفارقها...
كيف سكن صوته أسماعي...
هل هو الحب...
أم لعله الفراغ والوحدة الشديدة التي تسكنني وتعذبني جعلتني أحبه للا شيء إلا لأنني أحتاج للحب لأن احب أياً كان ومهما كان...
لكنني فعلاً أحببته أمر كشكه في كل يوم ابتسم له لا يرد علي بشيء تظل عيناه معلقتان بالفضاء...بي... بلا شيء...
أتابع طريقي متعجبة من تأثير ابتسامتي المخيفة عليه...
إنه الحزن...
هذا الرجل المرمي بين أكوام الجرائد وعلب الدخان والكبريت في كشكه الصغير رغم اهتمامي به وتنازلي عن ابتسامة له كل يوم...
لا يعبأ بي وينتفض قلبي يصرخ من أنت لم أعتد الابتسام في وجه أياً كان من الرجال الذين عرفتهم...
ولكنني كنت أريده أن يهتم لست أدري ماالذي قد زرعه في قلبي لعلها عاديته المتناهية في كل شيء فهو عادي جداً يستحيل أن يجذب أي فتاة أخرى...
ربما لذلك اخترته...
نعم ففي كل عرفت فيها الحب كان الحب من طرف واحد وهذا الطرف الواحد هو أنا بالطبع...
فالطرف الثاني كان دائماً لديه من يحبهن من الفاتنات...
في ذلك اليوم مشيت في طريقي المعتاد وقررت ألا ابتسم فقط بل سأتكلم معه أيضاً...
سأشتري صحيفة مع أنني لست من هوا الصحف ولكنني قررت وعقدت العزم...
اقتربت من الكشك و وقفت قبالته ورسمت ابتسامتي المعتادة وقلت بصوت حاولت أن يكون ناعماً رقيقاً:"أريد أن أشتري من فضلك..."
فقال بصوت حزين"تستطيعين أخذها بنفسك ...
" شعرت بالغيظ وقلت:" لكنني لا أدري أين هي، من فضلك أعطني إياها" ظلت عيناه معلقتين بالفضاء بينما أذخت يده تتحسس الصحف حتى توقفت عند إحداها وقال:" هل هذه هي؟
نظرت إلى عينيه وشعرت بأنني أهوي من قمة أفرست..."

إنه مكفوف البصر وانهمرت دموعي بلا استئذان وسحبت الصحيفة من بين أصابعه ووضعت الثمن في يده الباردة وقلت ببطء:" أجل هذه هي "

عدت إلى بيتي الموحشأحمل الصحيفة في يدي وحزني يتراكم في داخلي أكواماً وأكواماً...
شعرت بحزني بحراً يغرقني وبحبه يكبر ويكبر...
عرفت لماذا أحببته...
فحياتي الموحشة الجافة حياة مكفوفة لا نور فيها مثل حياته...

بكيت في ذلك اليوم طويلاً...
بكيت كثيراً...
ولا أعرف كم من الوقت مضى وأنا على حالتي تلك...
ولكني عدت إلى وعيي...
قمت وارتديت ملابسي وذهبت إلى كشكه الصغير أريد أن أشتري صحيفة أخرى...